أمي بحر الحنان

My Mother: An Ocean of Compassion

 أمي هي بحرٌ لا نهاية له من الحنان الذي يغمرنا ويحتوينا. حب الأم لأبنائها ينبع من الفطرة، تلك العلاقة التي تُبنى منذ لحظة الميلاد، لكننا غالبًا ما نستهين بها بسبب اعتيادنا عليها، حتى نجد أنفسنا في عالمٍ تسوده الكراهية والحقد، فندرك حينها مدى قيمة هذا الحب ونشعر بالاختناق لغياب أوكسجين المشاعر النقية.

أمي بحر الحنان

نشأتُ في دنيا يغلفها دفء أمي كما زهرة تنمو وتزدهر بفضل نبعٍ صافٍ ينبع من بحر حنانها. كنت أعتقد في طفولتي أن جميع الأمهات يشبهن أمي في حبهن وعطائهن، تمامًا مثل سمكة تعيش حياتها في البحر وتظن أن كل المياه تشبه موطنها الأصلي حتى تُجبر يومًا على الانتقال إلى مكان مختلف. عندئذٍ تدرك قيمة ما فقدته، وتبدأ بالتقدير الحقيقي لما كان بين يديها. هذا ما شعرت به، فأمي كانت تمدني بأوكسجين الحب الذي ملأ بيتنا بأكمله وأحاط بكل من كان جزءًا من حياتنا.

لا أزال أذكر أن إحدى صديقاتي تمنت لو تكون أمي أمها بسبب افتقادها لعاطفة ودعم والدتها، وكنت مستغربةً لتلك الأمنية، إذ كنت أظن أن جميع الأمهات يشبهن والدتي. أمي كانت رمزًا للكرم والعطاء، وكانت المبادرة إلى الخير جزءًا من طبيعتها. أما التسامح، فقد تغلغل في قلبها مثل شمس أشرقت ولم تغب يومًا؛ لم يحدث أن قاطعت أحدًا أو حملت ضغينة تجاه أي شخص، ولم أسمعها تتحدث يومًا عن حادثة تركت في نفسها أثرًا سيئًا أو حقدًا على أحد.

سر هذا القلب النقي يعود إلى حب الله الذي ملأ كيانها وإلى التربية التي تلقتها في أسرتها المُحبة. ومن بين أبرز الأشخاص الذين أثروا فيها بعد والديها، كان خالها العالم الرباني الذي رافق نشأتها وقدم لها نموذجًا عمليًا للإسلام الحقيقي. علمها أن تربط بين العمل الصالح وطلب الأجر من الله وحده، لا من البشر. هذه الروح جعلتها تجد السعادة في الأعمال الخيرية، وتتسابق إليها بكل حبٍ وشغفٍ بل حتى تبتكر طرقًا لتعزيز الخير إن لم تجد فُرصة واضحة له.

خالها أيضًا نصحها بأن تشفق على المسيء بدلاً من أن ترد عليه بالمثل، وبيّن لها أن الإحسان إليه يُساهم في إصلاحه؛ فالمسيء أشبه بورقة الصبار التي تؤذي كل من يلمسها، لكن بالإحسان يمكن تنقيته من شوائب نفسه ليرتقي إلى مرتبة تقدير المحسن إليه. كانت دروسه بسيطة وواقعية لكنها تركت أثرًا عميقًا في شخصية أمي التي عملت بتلك المبادئ طوال حياتها، فكان أثر ذلك ظاهرًا في كل تصرفاتها.

جزى الله خالها خير الجزاء، وجزا الله أمي على حبها الذي منح حياتي معنىً وعلى كل أثر طيب تركته في نفوس من حولها.

اضغط على الصورة واحصل على هديتك بمتابعتنا

الفيديو الثالث

avatar
عن المدون: الأسم
نبذة تعريفية تكتب هنا ولحذفها يرجى الدخول للقالب ثم محرر html

0 تعليق