أم تبحث عن الحنان، قصة تُروى بدموع القلب قبل العيون.

A mother searching for affection

أم تبحث عن الحنان، قصة تُروى بدموع القلب قبل العيون. 

من يواجه إحسان الوالدين بالعصيان لا يجني سوى الهلاك والخسران، أما من أحسن فلن يُضيع الله إحسانه أبدًا. 

أم تبحث عن الحنان، قصة تُروى بدموع القلب قبل العيون. 

التقيت ذات يوم عند ظل شجرة امرأة منهكة ذات وجه شاحب تلون بالصفرة. لفتتني بنظراتها العميقة التي حملت فيها حكاية غامضة. ابتسمت لها بحرارة، فنزلت دمعة حرة من عينيها وكأنها تهرب من ألم عميق. طلبت مني أن أبتسم لها كلما مَررتُ بتلك الطريق، فشعرتُ بدافع لأسألها عن أحوالها، علّني أسمع ما تخفيه خلف صمت الشجن.

تنهدت من أعماق قلبها، ضمت يدي إلى يدها برفق وكأنها تبحث عن سند. بدأت حديثها بحزن مُغلف بألم السنين وقالت: لقد فقدت ابني، قرة العين وحلم حياتي الذي تذوقته عبر السنوات. جُرح أعمق من السكين نال من روحي حين قال لي: "اخرجي ولا تعودي. لقد اتفقت أنا وزوجتي على هذا القرار." 

وقفت أمام ابني ذلك الذي احتضنته بعمري، وشرب من دمي حياةً وأنا راضية بالذل لأجله. تألمت وسعدت في سبيله، ولا يوم شكوت. ومع ذلك حطَّم أحلامي بكلمة واحدة مُميتة. ماتت روحي التي ظننت أنها لن تموت يوم أن سمعته يقول تلك الكلمات بلا رجوع. تحجرت دموعي ونزف قلبي ومزقتني الحيرة بين سؤال: كيف تحولت إلى إنسانة بلا مكانة يعيش ابنها وكأنها لم تكن شيئًا في حياته؟

في لحظة الانكسار تلك انفجرت بالبكاء وهي تحكي لي قصتها؛ قلبها يصرخ والدموع تسيل وكأن الألم بلا نهاية. نظرت إليها بحرنان وإشفاق، فأخبرتها: "أماه، هل ترضين بيا أنا، كابنة مخلصة تحنو عليك كما تفعل الابنة؟"، وابتسم وجهها رغم الدموع التي ما زالت تطهر آثار الألم وقالت: "كأنك أحييت الروح التي ماتت داخلي."

ضمتني بحرارة كأنما استعاد العالم بها بعضًا من نبضه. دموعنا اختلطت في تلك اللحظة وكأن أرواحنا تعانقت في زمن توقف عن الإيقاع المعتاد للحياة. شعرت بدفء عميق وهي ترتسم على وجهها ابتسامة صادقة بعد سنوات من الجراح.

حين قالت: "كيف تموت الروح وأنا أجد حنانًا يعيدني للحياة؟"، أدركت أن شيئًا تغيَّر في هذه الأرض؛ لقاءنا لم يكن عاديًا، بل كان بداية جديدة لتلك الأم التي لم تلدني، ولكنها ولدت عبر اللقاء معنى جديدًا للعاطفة والحب.

أخبرتني أنها ستبقى تذكرني بفرحة خالدة، محفورة برموز ذهبية في قلبها. ولكنها مع ذلك قررت أن تمضي إلى ملجأ نهاية السنين، إلى المكان الذي يحوي القلوب المنسية. حاولت منعها، توسلت لها ألا تتركني، لكن دمعها حمل إرادة قوية وقالت لي: "يا بنيتي، أنتِ الحلم الذي طالما تمنيت منذ سنين، والله قد حققه لي بلقائك خلال دقائق قصيرة جعلته أروع مما كنت أتخيله في الحياة."

ثم مضت بخطوات ثابتة نحو المصير وهي تحمل قلبًا جديدًا ينبض بحب مؤلم ولكنه مقدّر.

اضغط على الصورة واحصل على هديتك بمتابعتنا

الفيديو الثالث

avatar
عن المدون: الأسم
نبذة تعريفية تكتب هنا ولحذفها يرجى الدخول للقالب ثم محرر html

0 تعليق